أمير قطر يلتقي بوش في البيت الأبيض ويستعرض رؤية بلاده لمكافحة “الإرهاب”

أمير قطر يلتقي بوش في البيت الأبيض في مباحثات تناولا خلالها تداعيات هجمات 11 سبتمبرعلى مدينتي واشنطن ونيويورك
أجرى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مباحثات مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في البيت الأبيض، الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول 2001، تناولت تداعيات هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه على مدينتي واشنطن ونيويورك، واستعراض رؤية بلاده لمكافحة “الإرهاب”.
وفي مقابلة صحفية بعد المباحثات، وجه الأمير “رسائل تحذيرية” للجانب الأمريكي من مغبة الإقدام على ضرب أهداف غير مرتبطة بمنفذي هذه الهجمات، أو التأخر في ترجمة رؤية الدولة الفلسطينية واقعا بعد إعلان الرئيس بوش دعمه لهذه الخطوة.
رؤية قطر لمكافحة الإرهاب
وكالة الأنباء القطرية “قنا” ذكرت أنه جرى، خلال المباحثات بين أمير قطر والرئيس الأمريكي، استعراض “السبل الكفيلة بتعزيز أواصر التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات”.
كما تناول الزعيمان تداعيات هجمات 11 سبتمبر، وتباحثا بشأن أهمية القضاء على الإرهاب وحل أسبابه، وضرورة الفصل بينه وبين الإسلام.
وأكدت المباحثات رؤية قطر القائمة على أن مجابهة الإرهاب تحتاج إلى وضع خطط عالمية شاملة، وأن الأمم المتحدة تعد الإطار المناسب لذلك.
كما استعرضت تطورات عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إضافة إلى عدد من الموضوعات المتصلة بتفعيل التعاون المتنامي بين البلدين.
رسائل تحذيرية
من جانبها، سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في تقرير لها، الضوء على “رسائل تحذيرية” وجهها الأمير خلال مقابلة صحفية معها على هامش الزيارة.
وأوضحت الصحيفة أن الشيخ حمد، وهو أول زعيم خليجي يزور واشنطن بعد الهجمات، أكد تعاطف بلاده الكامل مع الولايات المتحدة “ووعد بدعمها التام”، لكنه في الوقت ذاته شدد على أن الحكومات العربية تحتاج إلى إثبات قاطع على تورط أسامة بن لادن قبل تأييد ضربه عسكريا.
ونقلت الصحيفة عن الأمير قوله: “المهم بالنسبة للشارع في العالمين العربي والإسلامي وللحكومات هناك هو رؤية أدلة لا يرقى إليها الشك” تثبت مسؤولية بن لادن، موضحا أن ذلك من شأنه “أن يولد تعاطفا لدى الجمهور مع الولايات المتحدة… ويجعل الجميع يفهم بوضوح من هو العدو”.
كما أبرزت “واشنطن بوست” تحذير الشيخ حمد للولايات المتحدة من مهاجمة أهداف لا صلة لها مباشرة بمنفذي هجمات 11 سبتمبر، مذكّرا بالضربة الصاروخية الأمريكية عام 1998 على مصنع أدوية في السودان، والقصف الأمريكي لليبيا عام 1986 – وكلاهما جاء بعد هجمات إرهابية – باعتبارهما ردودا فاشلة قوضت مكانة الولايات المتحدة بين العرب.
وقال الأمير أيضا إن الدول العربية لن تدعم مسعى من إدارة بوش لتوسيع حملتها بحيث تستهدف جماعات مثل حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الفلسطينيتين و”حزب الله” اللبناني.
وبينما تعتبر الولايات المتحدة هذه الجماعات “إرهابية”، قال الأمير إن كثيرا من العرب يعتبرونها حركات مقاومة مشروعة.
ونقلت الصحيفة تحذير الأمير من تكرار تلك الأخطاء حتى لا “تؤجج مشاعر الناس في الدول العربية ضد الولايات المتحدة”.
في سياق آخر، رحب الأمير بتصريح بوش، الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2001، الذي اعتُبر تصريحا تاريخيا يُقر فيه برؤية إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع إسرائيل.
واعتبرها ذات أثر إيجابي على الشارع العربي، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة ترجمة رؤية الدولة الفلسطينية واقعا وعدم تأجيلها طويلا، حتى لا يُفسَّر ذلك التصريح بأنه مجرد محاولة لامتصاص الغضب قبيل الحملة الأمريكية المرتقبة ضد أفغانستان.
يذكر أن مباحثات الأمير والرئيس بوش حضرها من الجانب القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وسفير الدوحة بواشنطن بدر عمر الدفع، ومن الجانب الأمريكي نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الخارجية كولن باول، ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس.
وكان أمير قطر أكد، في تصريحات لصحفيين بعد مباحثات أجراها مع كولن باول بواشنطن، الأربعاء 3 أكتوبر/تشرين الأول 2001، أن العالمين العربي والإسلامي “بحاجة للاقتناع” بالحملة الدولية التي أعلنتها الولايات المتحدة على ما يسمى بـ”الإرهاب”.
وأضاف أمير قطر أن “المطلوب هو كيف سنحارب الإرهاب، ولكن بشكل واضح وصريح يقنع الجميع، يقنع المتظاهرين في أمريكا (الرافضين للحرب)، ويقنع العالم العربي والعالم الإسلامي في الوقت نفسه“.
وفي 11 سبتمبر/أيلول 2001، تعرضت معالم بارزة في نيويورك وواشنطن لهجمات بطائرات مدنية مختطفة، ما أسفر عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، وألقت الإدارة الأمريكية المسؤولية عنها على تنظيم “القاعدة” بقيادة أسامة بن لادن.
وفي الـ20 من الشهر ذاته، أعلن بوش عزم بلاده شن “حرب عالمية واسعة على الإرهاب”، تبدأ بتنظيم “القاعدة” في أفغانستان، “لكنها لا تتوقف هناك، ولن تنتهي حتى يتم إيجاد كل الجماعات الإرهابية ذات الوصول العالمي ووقفها وهزيمتها”.
لقاءات مكثفة
وإضافة إلى المباحثات مع الرئيس بوش، التقى أمير قطر، الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول 2001، وفدا من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي.
وناقش الأمير مع الوفد العلاقات المتنامية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى المستجدات الراهنة وخطط واشنطن لمواجهة “الإرهاب”.
وفي اليوم نفسه، عقد الأمير اجتماعا في أحد فنادق واشنطن مع نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوفيتز، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الجوية الجنرال ريتشارد مايرز.
وعبّر الأمير، خلال اللقاء، عن سروره بلقاء “أصدقاء قدامى”، مؤكدا أسفه الشديد للهجمات التي استهدفت البنتاغون ومركز التجارة العالمي في نيويورك.
وأضاف: “نحن على ثقة كاملة بأن الولايات المتحدة ستتجاوز هذه المحنة”.
وأشار مسؤول بوزارة الدفاع إلى أن الأمير قدّم مليون دولار إلى الوزارة لدعم أسر ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مبنى الوزارة في 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأوضح المسؤول أن اللقاء كان مقررا في الأصل مع وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قبل هجمات 11 سبتمبر، إلا أن سفره في جولة بالشرق الأوسط دفعه لتكليف وولفوفيتز بتمثيله في الاجتماع.
ملف أفغانستان
وزير الخارجية حمد بن جاسم تحدث بدوره عما يدور في أذهان الصحفيين من أسئلة بشأن تفاصيل مباحثات أمير قطر مع المسؤولين الأمريكيين بواشنطن.
وبشأن ما إذا كانت قطر تلقت طلبا من أمريكا للمساعدة في عمل عسكري أمريكي مرتقب ضد أفغانستان، قال في تصريحات لقناة “الجزيرة” الإخبارية، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2001، إن بلاده لم تتلق طلبا محددا من الجانب الأمريكي بشأن التعاون في هذا العمل العسكري المزمع.
وأشار إلى أن أمير قطر أوضح أن مثل هذا التعاون ستتم دراسته إذا تقدمت واشنطن بطلب بهذا الخصوص.
وأضاف بن جاسم: “الجميع يعلم أن لدينا اتفاقية عسكرية مع أمريكا، وأن هناك تعاونا عسكريا قطريا أمريكيا، ويعلم الجميع أن في قطر تخزينا أمريكيا للأسلحة.. ومن المهم أن يكون الشعب القطري على علم بمثل هذا الموضوع”.
وبشأن موقف قطر من العمل العسكري الأمريكي المزمع بأفغانستان، حث بن جاسم الولايات المتحدة على أن يكون هذا العمل العسكري محددا ضد الإرهاب، مع تقديم الجناة للعدالة إن أمكن ذلك، على غرار ما جرى في البلقان.
وعن احتمال توجيه واشنطن ضربة عسكرية لبلد عربي بعد أفغانستان، قال بن جاسم إنه ليس لدى الدوحة علم بذلك، ولم يُطرح عليهم مثل هذا التصور.
تغطية الجزيرة
وذكر بن جاسم أن بعض المسؤولين الأمريكيين عبروا عن تحفظات إزاء تغطية قناة “الجزيرة” لبعض الأحداث، وقال: “فهمنا أن هناك أطرافا، بينها أطراف عربية (لم يحددها)، منزعجة من هذا الموضوع”.
وأوضح أن بلاده “لا تريد أن تسبب إزعاجا لأحد، سواء في العالم العربي والإسلامي أو خارج هذين العالمين”، مشيرا إلى أنه “عند حدوث أخطاء من القناة يمكن تصويبها”، “لكن هذا لا يعني أن نسقط الفكرة”.
وقال إن هذا التوجه يعكس منهجية سياسية لأمير قطر، التي أتى بها إلى الحكم في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في دولة قطر.
كان أمير قطر والوفد المرافق وصلوا إلى نيويورك، الإثنين 1 أكتوبر/تشرين الأول 2001، في مستهل زيارة عمل إلى الولايات المتحدة تتواصل حتى الخامس من الشهر ذاته.
ويعد الشيخ حمد بن خليفة ثاني زعيم عربي وأول زعيم خليجي يزور الولايات المتحدة منذ وقوع الهجمات في سبتمبر/أيلول 2001، بعد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
مصادر الخبر:
–حمد بن جاسم: واشنطن لم تطلب منا الاشتراك بالحملة العسكرية
–أمير قطر يلتقي بوش ووفد الكونجرس
أمير قطر يتوجه إلى أميركا لبحث تفاعلات قضية الإرهاب
–أمير قطر يختتم اجتماعا مع بوش في البيت الأبيض
–Amir of Qatar Donates $1 Million For Attack Victims’ Families