كلمة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمام منتدي أمريكا والعالم الإسلامي

فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر أمام منتدى أمريكا والعالم الإسلامي بالدوحة، الأحد 10 أبريل 2005
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة
السيدات والسادة
الحضور الكرام
يسرني أن ألتقي بكم اليوم في الدوحة وقد أتيتم إليها مشاركين في لقاء هام يتيح لطرفيه فرصة يقدم من خلالها كل منهما وجهة نظره إلى الآخر ويستمع منه إلى الرأي المقابل ليعرف أن نصف رأيه إنما يوجد عند شريكة في الحوار وليدرك الطرفان معا أنهما متى التقيا فعليهما تحري الصدق والبحث في الآخر عن معنى الصديق.
إن لقاءكم لمناسبة تعتز قطر باستضافتها للمرة الثالثة فهي تقرب بين جانبين وجدا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن ثمة عوائق لايمكن تجاهلها او الاستخفاف بها لو أرادا لما بينهما من صلات ان تنمو وتتقدم كما ان ما بينهما من علاقات لازال بعضه رهينة لانطباعات مشوهة وافكار جامدة حان لها ان تسقط ليحل محلها فهم جديد وجريء لايستكبر الاعتراف بالخطأ او يستكثر حجم العمل المطلوب انجازه او يستكين امام من يحاول زرع اليأس في مستقبل علاقة استراتيجية امامها آفاق رحبة يجب ارتيادها
واذا كان المشاركون في الجولات الماضية من هذا الحوار قد سعوا الي رصد مسيرة العلاقة بين الجانبين واستوقفهم ما واجهته من تحديات فان لقاءكم هذا العام عليه ان يبني علي ماسبق وان ينظر هذه المرة في مفاتيح التحول التي اصبح علي الطرفين الامريكي والاسلامي استخدامها لو ارادا لعلاقاتهما ان تدخل من باب واسع الي مستقبل آمن تظلله رغبة متبادلة في التعاون ويسوده الاتفاق علي سلم مشترك من الاولويات
ان واحدا من مفاتيح التحول عليه ان يعتني بأسلوب الحوار ذاته حيث ينبغي علي الطرفين ان يهتما بالشكل بقدر اهتمامهما بالمضمون فالاستعلاء من طرف او اللا مبالاة من آخر قد يقود الي تسرب الاحباط او تسلل اليأس الي من يعول علي هذا الحوار في تطور علاقات الولايات المتحدة مع العالم الاسلامي.
واحسب ان تراث كل منا يحث بدأب علي النهوض والارتقاء بالحوار دعما للتواصل البناء مع الآخر00فتراثنا العربي يدعونا ومن نحاوره الي اللين في الكلمة لان من لانت كلمته وجبت محبته00كما اننا في عالمنا الاسلامي باتساعه لنقتدي بقول رسولنا الكريم بأن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن سمعها ولايبالي من أي وعاء خرجت ونراها دعوة تؤصل لقواعد الحوار السليم وتفسح الطريق للاخذ من الآخرين بما يصلح دون حساسية او تخوف ولهذا فمن الضروري ان يجتهد الطرفان من اجل ادارة الحوار بينهما بروح متفهمة حتي لايبدو مايقترحه طرف من ترتيب للاولويات علي انه اصدار لتعليمات او مايسوقه طرف آخر من ايضاحات علي انه محاولة للتنصل من بعض الاستحقاقات
السيدات والسادة..
ان مفاتيح التحول الاهم في مسار العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي تبقي رهناً بالتقدم الذي تشهده القضايا المشتركة بين الجانبين
واذا كانت الديمقراطية بعد اكثر من ستين عاما قد بدأت تحتل موقعها علي قائمة الموضوعات المطروحة للنقاش بين الطرفين لنري دولا في عالمنا الاسلامي وقد اتجهت نحو درجات مختلفة من التطبيق الديمقراطي الا ان مقاربة نهائية متفق عليها بين الجانبين حول تلك القضية لم تتبلور بعد اذ تبقي ثمة غيوم تحيط بالموضوع يحتاج تبديدها من هذا الحوار ان يسلط مزيدا من الضوء عليها.
فالعالم الاسلامي وهو يري الالتفات الامريكي الي الديمقراطية وقد تأثر بما حدث في الحادي عشر من سبتمبر تساءل في بعض جنباته عما اذا كان ذلك يعبر عن موقف ادارة ام يجسد تحولا كاملا في موقف دولة وربما هو التساؤل الذي بسببه لا تزال جهود الاصلاح في تلك الجنبات فاترة اضطرت لان تبدأ بعد احداث سبتمبر ولازالت تراهن علي عامل الوقت وعلي ان بعض التعديلات الطفيفة بامكانها ان تفي مؤقتا بالغرض.
وهو امر يتطلب من الولايات المتحدة والبلدان الاسلامية الوصول معا بالحوار الي نقطة شفافة يزول عندها أي لبس بشأن مستقبل تجربة غير مسبوقة للتحول السياسي بدأت وعليها ان تكتمل لتتأكد الشعوب الاسلامية التي هي المعني الاول بالاصلاح ان آمالها لن تخذل بسبب تقلب قد يطرأ علي موازين المصالح وان تطلعاتها الواسعة لم تعد تكافئها بعض الاضافات التجميلية المحدودة.
الحضور الكرام..
ان الحوار بين الجانبين حول الديمقراطية في حاجة لان يصبح موضوعا توافقيا لا خلافيا جامعا وليس مفرقا خاصة وان عددا من تجارب التحول الديمقراطي في عالمنا الاسلامي من افغانستان الي فلسطين الي العراق قد اختلط فيها وبمستويات متفاوتة صوت السلاح بأصوات المقترعين علي نحو انتج هوة في التقديرات ليس فقط بين الجانبين الامريكي والاسلامي بل وداخل كل منهما بشأن الطريقة المثلي التي يستطيع بها الخارج ان يساعد في بناء الديمقراطية.
واذا كان في العالم الاسلامي قلة يطيب لها ان تستحث الخارج للضغط عنوة من اجل الديمقراطية واخري تنفر من الخارج بل ومن الديمقراطية نفسها فان بينهما جماهير غفيرة واعية تدرك ان عليها ان تخوض بنفسها الطريق الي الديمقراطية دون ان تمانع في التواصل مع كل من يتقدم لمساعدتها في قطع الطريق الي نهايته.
ولايقل اهمية عن موضوع الديمقراطية ايها السيدات والسادة موضوع آخر من شأن معالجته تحقيق قفزة طيبة في العلاقات بين الجانبين فمن ينظر الي العالم الاسلامي سواء في قلبه او عند اطرافه يمكنه ان يري بؤرا مشتعلة من التوتر وان يرصد مشكلات حادة تمس السلامة الاقليمية لعدد من دوله وهو امر كثيرا ما تجاوزت تعقيداته الاقليمية والدولية تلك الحدود الضيقة التي بدأت تلك المشكلات من عندها.
ان العالم الاسلامي الذي يشكل كتلة هائلة من اليابسة يعيش عليها حوالي 27 في المائة من سكان كوكبنا وتتمتع بفيض من الثروات لابد وان يعني استقراره ورخاؤه الكثير بالنسبة للعالم.
ولذا فانني اري ان جانبا من الحوار الامريكي الاسلامي عليه ان يبحث في وسائل تخفيف الاحتقان في تلك البؤر ومساعدة دول مسلمة يمثل الحفاظ علي تكاملها القومي حجر الزاوية في الاستقرار الاقليمي في اكثر من موقع خاصة وان الولايات المتحدة اما دخلت او اقتربت خلال السنوات القليلة الاخيرة من موقع ادق التطورات فيها.
الحضور الكرام..
ان العالم الاسلامي وهو يتحاور مع الولايات المتحدة انما يدرك أنه حوار من نوع خاص يدور مع واحد من أكثر الفاعلين الدوليين تداخلا مع قضاياه خلال مايزيد علي نصف قرن ويمتد متفرعا ليشمل عشرات القضايا من الصراعات الاقليمية الي نقل التكنولوجيا ومن تعزيز الديمقراطية الي تحرير التجارة ومن الاصلاح الاقتصادي الي تطوير التعليم ومن الحرب ضد الارهاب الي العمل من أجل حرية الاعلام وغيرها من المسائل التي باتت لتعددها تربط المسلمين بالامريكيين في نسيج متين يصعب أن ينفصم لسنوات طويلة قادمة0
وأري أن الولايات المتحدة وقد وفد منها الينا في هذا الحوار رموز نعتز بالتباحث معها من أهل الاقتصاد والفكر والسياسة قد أدركت بدورها أن حوارها مع العالم الاسلامي يحمل لها اضافة خاصة فبعد أن بدا خلال سنوات الحرب الباردة وكأنه ساحة للتنافس العالمي ومسرح للصراع الدولي بدأ العالم الاسلامي يظهر حاليا بتطلعاته ومشكلاته وبتاريخه ومستقبله كشريك لايمكن الاستغناء عن الحوار معه في وقت تنظر فيه الولايات المتحدة بدقة نحو المستقبل.
ان حاجة الطرفين كل الي الآخر وتعدد مسارات العلاقات بينهما ليضع علي عاتق مشروع قطر بروكنجز الذي بدأ تكوينه منذ العام الماضي كراع لحوار اسلامي أمريكي دائم مسؤولية تعزيز هذا الحوار والخروج بتوصيات عملية تعزز جدية الجانبين في العمل معا وهي مسؤولية أرجو لها النجاح كما أرجو لمؤتمركم كل التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته