خلال استقباله في الدوحة.. أمير قطر يبحث مع عرفات جهود توفير حماية دولية للفلسطينيين

أمير قطر يبحث مع عرفات في الدوحة جهود توفير حماية دولية للفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي
بحث أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جهود توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال استقبال سمو الأمير للرئيس عرفات في الدوحة، الأحد 3 ديسمبر/ كانون الأول 2000.
وحضر الاجتماع من الجانب القطري كل من وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ووزير المواصلات والنقل أحمد بن ناصر آل ثاني.
ومن الجانب الفلسطيني، حضر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس، ومستشارا الرئيس عرفات سليمان الشرفا ونبيل أبو ردينة، بالإضافة إلى السفير الفلسطيني لدى الدوحة ياسين الشريف.
وقالت وكالة الأنباء القطرية (قنا) إن سمو الأمير والرئيس عرفات بحثا آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، وجهود اللجنة الإسلامية لتأمين الحماية الدولية للفلسطينيين.
وكان الرئيس عرفات قد وصل إلى الدوحة مساء الأحد قادماً من صنعاء، بعد جولة عربية شملت الإمارات واليمن، أجرى خلالها محادثات مكثفة مع قادة البلدين حول تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وجهود وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
وخلال زيارته إلى اليمن، نفى الرئيس عرفات وجود محادثات سرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف المفاوضات، وقال: “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك لا ينفذ الاتفاقات التي تم التوقيع عليها حتى ينفذ اتفاقات سرية”.
وكان قد أكد في تصريحات صحفية أن القيادة الفلسطينية ماضية في مسار الانتفاضة حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وقبل زيارته إلى اليمن، كان الرئيس عرفات قد أجرى في أبوظبي محادثات مطوّلة مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تناولت تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وخلال زيارته لجرحى الانتفاضة في مستشفى أبوظبي، أشاد عرفات بمواقف دولة الإمارات ورئيسها الشيخ زايد في تقديم الرعاية لجرحى الانتفاضة وتوفير أشكال الدعم كافة للشعب الفلسطيني.
وأكد الشيخ زايد في لقائه بالرئيس الفلسطيني ضرورة قيام المجتمع الدولي، وفي مقدمه الولايات المتحدة، بالضغط على إسرائيل لوقف المجازر والانتهاكات، وطالب بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين وتوسيع الرعاية الدولية لعملية السلام وعدم اقتصارها على واشنطن.
وكان عرفات قد مدّد زيارته للإمارات يوماً واحداً بعد محادثات تناولت تقديم مساعدات عاجلة للسلطة الوطنية الفلسطينية لمواجهة الأعباء المعيشية الناتجة عن الحصار الإسرائيلي، حيث التزمت الإمارات بتقديم 150 مليون دولار لصندوق الانتفاضة والقدس اللذين أقرّت قمة القاهرة إنشاءهما بمبلغ مليار دولار.
وعقب ختام جولته العربية، عاد الرئيس عرفات إلى غزة قادماً من الدوحة، حيث شوهد وهو يترجل من سيارته حاملاً سلاحاً آلياً، وقال للصحافيين: “أخبروني أن المستوطنين أغلقوا طريق صلاح الدين الذي يربط رفح بغزة بالقوة، واضطررت لحمل هذا”.
وأضاف: “لا أعتقد أن المستوطنين يمكن أن يغلقوا الطريق من دون مساعدة الجيش الذي ارتكب مجزرة في حوسان”.
وأشار مستشار الرئيس نبيل أبو ردينة إلى أن مباحثات عرفات مع أمير قطر تناولت تفاصيل الاتصالات التي أجراها الرئيس الفلسطيني مع الإدارة الأميركية والأشقاء العرب والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الجهود القطرية لوقف الاعتداءات على الفلسطينيين.
وأكد أبو ردينة أن المساعدات العربية المالية ما زالت بطيئة التنفيذ رغم الوعود الكثيرة، موضحاً أن السعودية كانت الدولة الوحيدة التي قدّمت الدعم حتى ذلك التاريخ.
واستضافت الدوحة، يومي 12 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000، قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، التي دعت مجلس الأمن الدولي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في مذابح إسرائيل.
كما دعت القمة مجلس الأمن إلى تأمين الحماية الدولية اللازمة لأبناء الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقتلت إسرائيل أكثر من 200 فلسطيني، وجرحت ما يزيد عن عشرة آلاف آخرين، خلال محاولتها قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى).
واندلعت الانتفاضة في 28 سبتمبر/ أيلول 2000؛ إثر اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية أرييل شارون لباحات المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة.
المكتب الإسرائيلي
ورفضا لقمع إسرائيل لانتفاضة الأقصى، أعلن بن جاسم خلال اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي بالدوحة، في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000، أن بلاده أغلقت المكتب التجاري الإسرائيلي في قطر.
ولا ترتبط قطر بعلاقات دبلوماسية مع تل أبيب، إذ سمحت فقط بفتح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة عام 1996، بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية وتل أبيب اتفاقيتي أوسلو في 1993 و1995.
ومن أبرز أهداف علاقات قطر المحدودة مع إسرائيل المساعدة في وضع نهاية لمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي عبر إعادة الحقوق العربية.
وتحتل إسرائيل أراضي عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.
ودعا سمو الأمير في مناسبات عديدة إلى ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، عاصتها القدس الشرقية، على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967.

لقاءات عديدة
وبوتيرة مكثفة يلتقي سمو الشيخ حمد والرئيس عرفات، ضمن جهود قطرية لمساعدة الشعب الفلسطيني، عبر دعم مادي وعيني وآخر سياسي في المحافل الدولية كي يسترد الفلسطينيون حقوقهم المشروعة.
وبحثا بالدوحة في 8 أغسطس/ آب 2000 العلاقات الثنائية، والمباحثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد قمة كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وفشلها في تسوية القضية الفلسطينية.
وهذه القمة عُقدت بين 11 و25 يوليو/ تموز 2000، وشارك فيها الرئيس عرفات والرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنها انتهت بدون اتفاق.
وفي 8 أغسطس/ آب 1999، استقبل الرئيس عرفات سمو أمير قطر في قطاع غزة، على رأس وفد قطري رفيع المستوى.
وقال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ، في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات: “علاقتنا معكم قديمة وستظل قوية، وجئنا لدولة فلسطين ونتمنى لعملية السلام الاستمرار بفضل حكمتكم”.
وتابع: “نحن مع الشعب الفلسطيني منذ النكبة التي حلت بفلسطين (قيام إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة)، ومساعدتنا دائمة على قدر الإمكانيات، وبإذن الله سنقدم مساعدات إضافية”.
وأكد دعمه ودعم بلاده للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، كما تعهد بمواصلة تقديم الدعم والمساعدات للفلسطينيين.
وشدد سمو الأمير على أهمية المسارين السوري واللبناني، وقال إنه “لا يمكن إحلال سلام دائم وشامل في المنطقة من دون حلهما حلا عادلا، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية”.
وبشأن وجود المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، أعرب سمو الشيخ حمد عن اعتقاده بأنه “لن يؤثر على العلاقة بيننا وبين الفلسطينيين”.
وترهن الدوحة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع تل أبيب بقيام سلام شامل بين إسرائيل وجميع جيرانها العرب.
وتابع سمو الأمير: “هناك دول عربية لديها سفارات وتطبيع كامل مع إسرائيل، وأعتقد أن هذا لم يؤثر على علاقاتها مع فلسطين حسب ما أعرف”.
وترتبط كل من مصر والأردن بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أسست لها اتفاقيتا سلام جرى توقيعهما عامي 1979 و1994 على الترتيب.
فيما أعرب الرئيس عرفات عن سروره البالغ لزيارة سمو الشيخ حمد، قائلا: “هذه لمسة أخوية طيبة من سمو الأمير أن يأتي زائرا فلسطين، مما يعني الكثير سياسيا وقوميا وعربيا وإسلاميا”.
وسمو الأمير هو أول زعيم من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يزور غزة منذ عام 1967.
ويـتكون مجلس التعاون من ست دول هي قطر والسعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين، وأُسس في 25 مايو/ أيار 1981، ومقره في الرياض.
كما أن سمو الشيخ حمد أول زعيم عربي يزور أراضي الحكم الذاتي الفلسطينية بعد ملك الأردن عبد الله الثاني ووالده الملك الراحل حسين بن طلال.