برعاية أمير قطر.. توقيع الوثيقة النهائية للسلام في دارفور بحضور قادة أفارقة ودوليين بعد مفاوضات لأكثر من عامين في الدوحة

توقيع الوثيقة النهائية للسلام في دارفور برعاية مباشرة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني
الدوحة
برعاية مباشرة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وقعت الخرطوم وحركة “التحرير والعدالة” في الدوحة، الخميس 14 يوليو/تموز 2011، الوثيقة النهائية للسلام في إقليم دارفور غربي السودان، بعد أكثر من عامين ونصف من المفاوضات.
جرت مراسم التوقيع في حفل بالدوحة رعاه أمير قطر، وحضره رؤساء السودان عمر البشير، وتشاد إدريس ديبي، وإريتريا أسياس أفورقي، وبوركينا فاسو بليز كومباوري.
إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وقع الوثيقة عن الحكومة السودانية مستشار الرئيس ومسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين، وعن حركة “التحرير والعدالة” (التي تضم 11 فصيلا دارفوريا) رئيسها التجاني سيسي، وعن قطر كشاهد وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد بن عبد الله آل محمود.
وفور التوقيع، علت القاعة موجة من التصفيق الحاد، وتبادل أمير قطر والرئيس السوداني التهاني، في مشهد عكس رمزية الاتفاق وأجواء التفاؤل التي رافقته.
بنود الوثيقة
وجاء التوقيع على هذه الوثيقة النهائية للسلام في دارفور تتويجا لمسار تفاوضي امتد لنحو ثلاثين شهرا برعاية أمير قطر، وبمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
وتضمنت الوثيقة سبعة محاور أساسية شملت: حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واقتسام السلطة والثروة، والوضع الإداري للإقليم، إلى جانب قضايا التعويضات والعدالة والمصالحة، والوقف الدائم لإطلاق النار، والترتيبات الأمنية النهائية، وآليات التنفيذ والحوار والتشاور بين أبناء دارفور.
بداية مباركة للسلام

وفي كلمته عقب مراسم التوقيع، وصف أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني توقيع الحكومة السودانية وحركة “التحرير والعدالة” على وثيقة الدوحة بأنه “بداية مباركة لترسيخ السلام في دارفور، ودعوة صادقة لجميع الحركات لأن تسير في ذلك الدرب”.
وأشار إلى أن الوساطة القطرية واجهت منذ انطلاقها أواخر عام 2008 تحديات كبيرة، أبرزها انقسام الحركات الدارفورية وغياب موقف تفاوضي موحد، الأمر الذي أخر كثيرا الوصول إلى حل مبكر للنزاع.
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الدوحة “بذلت كل الجهود الممكنة لجمع كافة الحركات دون استثناء لركب السلام”، داعيا الجميع إلى “المشاركة في صنع سلام حقيقي يعبر عن إخلاصهم لوطنهم”.
وأضاف: “بفضل الله ومساهمة شركائنا الإقليميين والدوليين، استطاعت الوساطة أن تحقق بعض الإنجاز في درب توحيد الحركات، ومن ذلك قيام حركة التحرير والعدالة التي توقع اليوم اتفاقية مع حكومة السودان إيذانا بوضع لبنات السلام الدائم في دارفور”.
واعتبر أنه “آن الأوان لأن ينعم إقليم دارفور وأهله بالاستقرار بعد طول عناء، وأن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم وممارسة حياتهم الطبيعية في ظل مقومات حياة كريمة”.
وتابع الأمير قائلا: “إننا في دولة قطر، وبالتنسيق مع شركائنا الإقليميين والدوليين، حريصون على أن نرى أهل دارفور والسودان عموما ينعمون بالأمن والاستقرار، فهما شرطان أساسيان للتنمية والرخاء.”
وأضاف مؤكدا: “لن ندخر جهدا في سبيل ذلك، غير أننا في الوقت نفسه نناشد الجميع أن يغلبوا مصلحة شعبهم، مصلحة أهل دارفور خاصة وأهل السودان عامة، وأن يشاركوا جميعا في صنع سلام حقيقي يعبر عن إخلاصهم لوطنهم ويضع مصلحته فوق كل اعتبار.”
طي صفحة مؤلمة
بدوره، وجه الرئيس البشير الشكر إلى “الشركاء في اتفاق السلام”، وفي مقدمتهم أمير قطر، داعيا حركة “التحرير والعدالة” الموقعة على الوثيقة إلى “دعم جهود التنمية وإعادة البناء في المنطقة المنكوبة”، منتقدا في الوقت ذاته الأطراف التي تعمل على تأجيج الأزمة.
وقال البشير: “نقف اليوم مثقلين بصور الأحداث التي شهدها إقليم دارفور على مدى نحو عشر سنوات، وهي صور ستبقى محفورة في الذاكرة لمرحلة من النزاع الأهلي قاتل فيها الشقيق شقيقه، والصديق صديقه.”
واستدرك قائلا: “لكننا نجد العزاء في لقائنا اليوم تحت ظلال دوحة العرب، وبرعاية وضيافة كريمة من أمير دولة قطر، لنطوي تلك الصفحة المؤلمة، ونفتح أخرى جديدة نستكمل بها مسيرة السلام الشامل والكامل بإذن الله.”
ووصف البشير الاتفاق بأنه “سلام يغلق أبواب الفتنة، ويفتح أبواب الاستقرار والخير والنماء لمواطني دارفور والسودان جميعا، سلام نصنعه بأيدينا وبإرادتنا وتصميمنا وعزمنا”.
فيما اعتبر غازي صلاح الدين في كلمته أن “هذا الاتفاق وضع الوصفة الصحيحة للوفاق الداخلي”، مشددا على أن نجاحه مرهون بمدى تمسك أهل دارفور به وحمايتهم له، داعيا دول الجوار إلى أن تكون سندا داعما للاتفاق.
من جانبه، أكد التجاني سيسي أن حركته لن تقوم بإقصاء أحد في دارفور.
وقال في كلمته: “لن نسمح بإقصاء أي فرد من أبناء دارفور، فلكل أبناء دارفور الحق في السلطة والثروة.”
وتحظى وثيقة الدوحة لسلام دارفور، التي أقرها “المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة في دارفور” الذي انعقد بالدوحة خلال مايو/أيار 2011، بدعم إقليمي ودولي واسع من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.
وجاء توقيع الحكومة السودانية وحركة “التحرير والعدالة” عليها بعد أيام من الإعلان الرسمي عن قيام جمهورية جنوب السودان في 11 يوليو/تموز 2011، لتصبح أحدث دولة في العالم.
فصائل رفضت التوقيع
ورغم هذا الزخم، رفضت فصائل رئيسية في دارفور التوقيع على الوثيقة النهائية، في مقدمتها حركة “العدل والمساواة” وعدة فصائل منبثقة عن “جيش تحرير السودان”، خصوصا جناحي عبد الواحد نور ومني أركو مناوي، بحجة أن الاتفاق لم يحظَ بإجماع كافة الفصائل.
لكن الوساطة شددت على أن منبر الدوحة سيبقى مفتوحا أمام أي حركة دارفورية ترغب في الانخراط بعملية السلام، مع تحديد مهلة ثلاثة أشهر لانضمام الحركات الرافضة.
وكانت حركة “العدل والمساواة” وقعت في 2010 اتفاقا لوقف الأعمال العدائية مع الخرطوم ضمن مفاوضات الدوحة، غير أن الاتفاق انهار سريعا لتعلن انسحابها من المفاوضات.
أما فصيل مناوي من “جيش تحرير السودان”، الذي وقع اتفاق أبوجا للسلام عام 2006، فقد عاد إلى القتال في ديسمبر/كانون الأول 2010 متهما الحكومة بعدم تنفيذ التزاماتها.
واندلعت أزمة دارفور مطلع عام 2003 عندما حملت حركتا “تحرير السودان” و”العدل والمساواة” السلاح ضد الحكومة السودانية بدعوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا واضطهاد سكانه من غير العرب، وهو ما تنفيه الخرطوم.
مصادر الخبر:
-توقيع وثيقة سلام دارفور بالدوحة
-الأمير: شعوب المنطقة تريد العدالة والحرية لا النزاعات الأهلية البغيضة
-اتفاق السلام إنجاز تاريخي جديد لقطر
-دلالات احتضان الدوحة للاتفاق السوداني الجديد
-توقيع «وثيقة الدوحة» لسلام دارفور
-الخرطوم و«التحرير والعدالة» توقعان «وثيقة الدوحة»
-حكومة البشير و«التحرير والعدالة» توقعان وثيقة سلام دارفور في الدوحة
-حكومة البشير و«التحرير والعدالة» توقعان وثيقة سلام دارفور في الدوحة