أمير قطر يبحث في الخرطوم “خطوات عملية” لدعم اتفاق دارفور والبشير يعفو عن معتقلين تقديرا لسموه

الخرطوم
21 فبراير 2009
حمد بن خليفة والبشير

أمير قطر يبحث في الخرطوم سبل اتفاق دار فور الموقع في الدوحة بين الخرطوم وحركة “العدل والمساواة”

بحث أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع الرئيس السوداني عمر البشير، السبت 21 فبراير/شباط 2009، سبل اتخاذ “خطوات عملية” لدعم الاتفاق الموقع في الدوحة أخيرا بين الخرطوم وحركة “العدل والمساواة” الناشطة بإقليم دارفور غربي البلاد.

وفي خطوة اعتُبرت بادرة حسن نية، أعلن البشير عقب المباحثات إطلاق سراح 24 من معتقلي الحركة الذين أوقفوا خلال أحداث الخرطوم وأم درمان، تقديرا للدور الذي يقوم به أمير قطر في تسوية الأزمة.

جاءت هذه التطورات خلال زيارة قصيرة قام بها أمير قطر إلى الخرطوم، عقد خلالها جلسة مباحثات في “بيت الضيافة”.

حضر الجلسة من الجانب القطري رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ومن الجانب السوداني مساعد الرئيس نافع علي نافع، ومستشاره مصطفى عثمان إسماعيل، ووزير الدولة بوزارة الخارجية علي كرتي.

وكانت الجولة الأولى من “محادثات سلام دارفور” انطلقت في الدوحة يوم 10 فبراير/شباط 2009، واستمرت ثمانية أيام بهدف التوصل إلى اتفاق إطار يمهد لاتفاق نهائي يرسخ سلاما شاملا وينهي صراعا استمر سنوات في الإقليم.

وفي 17 فبراير/شباط 2009، توصلت الأطراف إلى اتفاق حسن نوايا، نصّ على البدء فورا في مشاورات للوصول إلى اتفاق إطاري. وتُعد الاتفاقيات الإطارية ترتيبات تحدد الشروط والمبادئ التي تحكم الاتفاقيات النهائية المزمعة.

خطوات عملية

في تصريحات للصحفيين بالخرطوم عقب القمة، كشف حمد بن جاسم عن اتصالات تجريها الدوحة لإقناع بقية الفصائل الدارفورية بالانضمام إلى محادثات السلام.

وقال: “تم التطرق خلال القمة بالخرطوم إلى الاتفاق الموقع بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة، وكيفية دعمه بخطوات عملية، لأن أمامنا طريقا طويلا لتحقيق السلام في دارفور”.

وأضاف: “أنجزنا المرحلة الأولى من عملية السلام (اتفاق حسن النوايا)، وتم ذلك بشكل إيجابي بفضل جميع الفرقاء الذين ساعدونا في هذا المسار”.

وأشار إلى وجود “اتصالات وردود إيجابية” من بعض الفصائل، مؤكدا أن “دول الجوار سيكون لها أيضا دور في هذا الاتجاه”.

وتسعى قطر إلى توسيع الجولة المقبلة من محادثات الدوحة، المقررة بعد نحو أسبوعين، لتشمل فصائل أخرى بجانب “العدل والمساواة”.

وغابت عن المحادثات الأخيرة حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، وجناح مني أركو مناوي بالحركة ذاتها، إلى جانب فصائل أصغر منضوية في “جبهة الخلاص الوطني”.

كما تناولت القمة القطرية السودانية العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها، إضافة إلى بحث الأوضاع العربية والدولية.

وأفادت وكالة الأنباء القطرية أن أمير قطر والرئيس البشير أجريا اتصالا هاتفيا بالزعيم الليبي معمر القذافي، أطلعاه خلاله على تطورات اتفاق حسن النوايا بين الحكومة السودانية وحركة “العدل والمساواة”.

مصالحة مع تشاد

في السياق ذاته، وصف مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل زيارة الأمير بأنها “مهمة جدا، وتصب في تعزيز السلام بدارفور، ودفع العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطبيع العلاقات بين الخرطوم وإنجمينا”.

وأكد إسماعيل أن السودان “يقدر هذه الزيارة، ويجدد التزامه بدعم مسار السلام الذي تقوده قطر، والتعاون مع الجهود القطرية الليبية لتطبيع العلاقات مع تشاد”.

فيما أوضح وزير الدولة علي كرتي أن الجانب القطري أكد خلال المباحثات التزامه بالعمل على إصلاح العلاقات بين السودان وتشاد.

كما نقلت قناة “الجزيرة” القطرية أن الدوحة أعلنت عزمها القيام بزيارات إلى تشاد وليبيا في إطار مساعيها لتحقيق المصالحة بين البلدين.

وكان حمد بن جاسم صرح في 17 فبراير/شباط 2009 بأن “التوصل إلى اتفاق سلام بين السودان وتشاد سيساعد كثيرا في عملية إحلال السلام بدارفور”، مضيفا: “نحن والأخوة في ليبيا سنسعى لذلك، ونتمنى إنجاز شيء في القريب العاجل يسهل عملية السلام”.

وتشهد العلاقات بين البلدين توترا منذ عام 1987، حيث تتهم إنجمينا الخرطوم بإيواء مسلحين معارضين وتنفيذ هجمات على بلدات حدودية، بينما تتهم الخرطوم تشاد بالتورط في تأجيج النزاع بدارفور.

“ملف الجنائية الدولية”

واكتسبت زيارة أمير قطر بعدا إضافيا كونها جاءت عشية القرار المنتظر من قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشأن إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير، بدعوى “التورط في انتهاكات بدارفور”.

وبهذا الخصوص، أكد كرتي أن “الدوحة تقف إلى جانب الخرطوم في مسألة المحكمة الجنائية الدولية”.

ولفت إلى أن أمير قطر شدد خلال مباحثاته في الخرطوم على أنه سيجري اتصالات مع الأطراف المعنية بالملف، لتوضيح أن أي إجراءات من هذا النوع لن تصب إلا في غير مصلحة عملية السلام التي انطلقت في الدوحة.

وكان مدعي عام المحكمة لويس مورينو أوكامبو طلب في 14 يوليو/تموز 2008 من الدائرة التمهيدية إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير، متهما إياه بعشر وقائع تتعلق بـ”جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب”.

وينتظر أن تبت الدائرة التمهيدية في الطلب استنادا إلى الأدلة المقدمة.

وينفي البشير التهم المنسوبة إليه، مؤكدا أن تحركات المحكمة تمثل “جزءا من برنامج استعماري جديد يهدف إلى حماية مصالح الدول الكبرى”.

عفو عن معتقلين

وفي خطوة لدعم مسار السلام، أصدر البشير قرارا بإطلاق سراح 24 من عناصر “العدل والمساواة” المعتقلين عقب هجوم الحركة على مدينتي أم درمان والخرطوم في مايو/أيار 2008.

وقال وزير العدل السوداني عبد الباسط سبيدرات للصحفيين إن هذا القرار يأتي لتعزيز وترسيخ جهود السلام وتقديرا لدور أمير قطر في تسوية الأزمة.

ورحبت حركة “العدل والمساواة” بالخطوة، وقال الناطق باسمها أحمد حسين آدم للصحفيين: “نرحب بأي خطوة في اتجاه تنفيذ اتفاق الدوحة”، مشيرا إلى أن الحركة بادرت قبل أيام بإطلاق سراح عدد من منسوبي القوات الحكومية.

وكانت الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي أوكلا إلى قطر في سبتمبر/أيلول 2008 رعاية مفاوضات دارفور، بهدف إنهاء نزاع اندلع عام 2003 وأسفر – بحسب الأمم المتحدة – عن مقتل نحو 200 ألف شخص وتشريد 2.7 مليون آخرين.

وتعود جذور حركة “العدل والمساواة” إلى انشقاق في “حركة تحرير السودان” عام 2001، وقادها خليل إبراهيم، مؤلف “الكتاب الأسود” الصادر عام 1999، الذي اتهم مجموعة سكانية صغيرة بالسيطرة على مؤسسات الدولة وتهميش غالبية الأقاليم، وعلى رأسها دارفور.

مصادر الخبر:

Sudan to release 24 Darfur prisoners – minister

أمير قطر يزور الخرطوم لبحث إحلال السلام بدارفور

الأمير والبشير يترأسان جلسة المباحثات القطرية السودانية

ترحيب سوداني واسع بزيارة أمير البلاد المفدي للخرطوم

الأمير والبشير بحثا اتفاق بناء الثقة لتسوية قضية دارفور

زيارة سمو الأمير وهموم السودان

الخرطوم : أمير قطر والبشير يعرضان اليوم “اتفاق الدوحة” وتجميد تحرك المحكمة الجنائية

أرشيف القدس العربي

أمير قطر يبحث مع البشير سبل تحقيق السلام في دارفور

سياسي / الرئيس السوداني وأمير دولة قطر / لقاء