مصافحة تاريخية بالدوحة.. الأمير يرعى اتفاقا جديدا للسلام بدارفور بين الخرطوم والعدل والمساواة

الدوحة
23 فبراير 2010
حمد بن خليفة والبشير

الأمير يرعى اتفاقا جديدا للسلام بدارفور بين الخرطوم والعدل والمساواة في حفل رسمي حضره البشير، والرئيس التشادي وأفورقي وخليل إبراهيم

أسفرت جهود أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن اختراق جديد في مسار السلام بإقليم دارفور غربي السودان، حيث شهدت الدوحة مساء الثلاثاء 23 فبراير/شباط 2010 توقيع اتفاق إطار ووقف إطلاق نار بين الخرطوم وحركة “العدل والمساواة”، كبرى الفصائل المسلحة في الإقليم.

جرى التوقيع على الاتفاق في حفل رسمي رعاه الأمير، وحضره إلى جانبه كل من الرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس التشادي إدريس ديبي، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وزعيم حركة “العدل والمساواة” خليل إبراهيم.

كما شارك ممثلون عن عدد من المنظمات العربية والدولية.

وقع الاتفاق عن الحكومة السودانية وزير الدولة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة أمين حسن عمر، فيما وقعه عن حركة “العدل والمساواة” رئيس وفدها أحمد تقد.

وشارك في التوقيع كشهود وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبد الله آل محمود، والوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى دارفور جبريل باسولي.

وعقب التوقيع، صافح الرئيس السوداني خليل إبراهيم، في مشهد عكس نجاح الوساطة القطرية في جمع الفرقاء بعد سنوات من القتال.

أبرز بنود الاتفاق

نص الاتفاق على وقف إطلاق النار الفوري، والشروع في مباحثات مباشرة لوضع آليات تنفيذه.

كما أقر مشاركة حركة “العدل والمساواة” في السلطتين التنفيذية والتشريعية وفق معايير يُتفق عليها لاحقا.

وشدد الاتفاق على أن تتحول الحركة إلى حزب سياسي بمجرد توقيع الاتفاق النهائي، مع دمج مقاتليها في الجيش والشرطة، والإفراج عن أسرى الحرب، وإصدار عفو عام عن المدنيين والعسكريين المنتمين إليها.

كما تضمن الاتفاق تعويض النازحين، وإطلاق مشاريع تنموية لإقليم دارفور الذي عانى من التهميش، إضافة إلى التفاهم حول تقاسم الثروات.

حمد بن خليفة والبشير
الأمير كشف عن مساعٍ لإنشاء بنك لتنمية دارفور برأسمال ملياري دولار

خطوة للحل المنشود

وفي كلمته خلال حفل التوقيع، وصف أمير قطر الاتفاق بأنه “خطوة ثابتة ينطلق منها الجميع وصولا إلى الحل المنشود”.

وأشار إلى أن توقيع الاتفاق تزامن مع إعلان بعض الحركات اندماجها في كيان موحد تحت اسم “حركة التحرير والعدالة” استعدادا للانخراط في العملية التفاوضية الجارية.

ودعا الأمير بقية الحركات الدارفورية التي لم تنضم بعد لمسار السلام إلى “اتخاذ القرارات الشجاعة بالانضمام إلى الركب من أجل الوصول إلى سلام شامل وعادل ودائم للنزاع”.

وكشف عن سعي قطر إلى إنشاء بنك للتنمية في دارفور برأسمال قدره ملياري دولار، دعما لجهود إعادة الإعمار والتنمية في الإقليم.

كما أشاد بدور دول الجوار واللجنة الوزارية العربية الإفريقية في التوصل للاتفاق، وخصّ بالشكر الزعيم الليبي معمر القذافي “لدوره الريادي في دفع مسيرة السلام”، مثمّنا أيضا جهود الرئيس الإريتري أسياس أفورقي والوسيط المشترك جبريل باسولي.

وأكد أمير قطر ثقته بأن “العزيمة القوية والنوايا المخلصة لدى الجميع” كفيلة بتحقيق الحل المنشود وتجاوز الماضي وآلامه.

ويُنتظر أن يمهد اتفاق الإطار لإجراء محادثات موسعة تنهي النزاع المسلح في دارفور، وتتيح لحركة “العدل والمساواة” المشاركة في الحياة السياسية السودانية، بما في ذلك الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في أبريل/نيسان 2010.

البشير
البشير أعرب عن أمله في توقيع اتفاق سلام نهائي قريبا

البشير يثمن جهود الأمير

من جانبه، ثمن الرئيس البشير في كلمته خلال الحفل “الجهود المخلصة التي أفضت إلى هذا الاتفاق، وفي مقدمتها جهود أمير قطر، والدعم المتواصل الذي تقدمه الدوحة للخرطوم في معالجة خلافاتها الداخلية ومع دول الجوار”.

ووصف الاتفاق الإطاري بأنه “خطوة مهمة على طريق إنهاء الحرب والصراع في دارفور”.

وأعرب البشير عن أمله في أن يتم التوقيع على اتفاق سلام نهائي خلال الفترة القريبة المقبلة.

خليل إبراهيم
خليل إبراهيم أعلن الوقف الكامل لإطلاق النار في دارفور

محطة مهمة

بدوره، أعلن خليل إبراهيم، في كلمته خلال الحفل، الوقف الكامل لإطلاق النار في دارفور ابتداء من منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء بتوقيت السودان (21:00 بتوقيت غرينتش).

وقال إبراهيم إن حركته “ظلت تدعو إلى الحفاظ على وحدة السودان، ومن المعيب أن نكون أحياء فيما تتقسم بلادنا”، داعيا الرئيس البشير إلى بذل كل الجهود من أجل صون وحدة البلاد.

ووصف الاتفاق الذي وُقع في الدوحة بأنه “محطة مهمة للغاية في مسيرة السلام”، مؤكدا التزام حركته بما تم التوصل إليه.

وشدد على أن “الطريق إلى السلام ما زال يحتاج إلى الكثير من الصبر والمثابرة وتقديم التنازلات من الطرفين”.

كما وجه دعوة إلى بقية الحركات في دارفور للانخراط في “شراكة جامعة من أجل الوطن”، معتبرا أن هذه الشراكة يجب أن تكون “شراكة لا غالب ولا مغلوب فيها”.

ديبي
ديبي دعا بقية الحركات المسلحة إلى بمحادثات السلام في دارفور

خطوة إيجابية

وفي كلمته، وصف الرئيس ديبي الاتفاق بأنه “خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق السلام في السودان”، داعيا بقية الحركات المسلحة إلى “الانضمام إلى المفاوضات من أجل إحلال السلام في دارفور”.

وطالب ديبي جميع الأطراف بـ”استغلال هذه الفرصة التاريخية للوصول إلى اتفاق سلام نهائي”.

فيما أكد باسولي أن الوساطة ستواصل عملها “بإصرار من أجل بلورة عملية سلام شاملة”.

وحث خلال كلمته الحركات التي تغيبت عن محادثات الدوحة على “استشعار مسؤولياتها أمام شعب دارفور في هذه اللحظة التاريخية، واتخاذ القرار الشجاع بالانضمام إلى المفاوضات”.

حمد بن جاسم
بن جاسم أشاد بجدية الخرطوم و”العدل والمساواة” لتحقيق السلام

جدية الأطراف

من جانبه، أشاد بن جاسم بجدية حكومة الخرطوم وحركة “العدل والمساواة” في السعي لتحقيق السلام.

وقال في مقابلة مع قناة “الجزيرة”: “الوساطة لمست جدية من الجميع، سواء في الحكومة أو في حركة العدل والمساواة، لتغيير واقع المعاناة التي يعيشها شعب دارفور”.

وأضاف: “ضمان تنفيذ الاتفاق هو عزم أهل دارفور وكل السودانيين، بمن فيهم الحكومة والحركات المسلحة، على تطبيق ما اتفق عليه”.

وأعرب عن أمله في أن توقع الحركات الأخرى على اتفاق إطار يمهّد لبدء المحادثات النهائية لحل أزمة الإقليم.

ويؤدي بن جاسم، بتوجيهات من أمير قطر، دورا محوريا في الوساطة، إذ يترأس منذ سبتمبر/أيلول 2008 اللجنة الوزارية العربية الإفريقية المعنية بالسلام في دارفور.

على النحو ذاته، قال رئيس وفد الحكومة السودانية أمين حسن عمر أن اتفاق الإطار “يفتح الطريق نحو مناقشة ومعالجة القضايا العالقة لاستكمال عملية السلام في دارفور”.

وأعرب في تصريحات صحفية عن أمله في التوصل إلى اتفاق شامل للسلام قبل نهاية مارس/آذار المقبل.

الحرب انتهت

وغداة توقيع الاتفاق، أعلن الرئيس البشير في لقاء جماهيري بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، الأربعاء 24 فبراير/شباط 2010، أن “الحرب في دارفور انتهت”.

وتوجه البشير بالشكر إلى أمير قطر على الجهود التي بذلها في سبيل إنهاء أزمة دارفور ورعايته للاتفاق الإطاري.

وفي اليوم ذاته، أفرجت السلطات السودانية عن 57 من عناصر “العدل والمساواة” المعتقلين عقب هجوم الحركة على مدينتي أم درمان والخرطوم في مايو/أيار 2008.

ونقلت وكالة “رويترز” عن وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات قوله إن المفرج عنهم يمثلون “المجموعة الأولى” التي يتم إطلاق سراحها في إطار اتفاق الدوحة، معربا عن أمله في أن يشمل الإفراج جميع السجناء الذين يزيد عددهم على مئة مع تقدم مفاوضات السلام بشأن دارفور.

دبلوماسية الوساطات

وخلال الشهور الماضية، نجحت دبلوماسية الوساطات القطرية، التي يرعاها الأمير، في ترتيب عدة اجتماعات ولقاءات بالدوحة بين الحكومة السودانية وحركة “العدل والمساواة”.

وكانت الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي أوكلا إلى قطر في سبتمبر/أيلول 2008 رعاية مفاوضات دارفور.

وفي 10 فبراير/شباط 2009، انطلقت الجولة الأولى من “محادثات سلام دارفور” بين الحكومة السودانية وحركة “العدل والمساواة” بالدوحة.

وفي نهاية 8 أيام من المحادثات آنذاك، تم التوصل إلى “اتفاق حسن نوايا” تم توقيعه في 17 فبراير/شباط 2009، ويتضمن نصا على البدء فورا في مشاورات ترمي إلى التوصل إلى الاتفاق الإطاري.

و”الاتفاقيات الإطارية” هي ترتيبات بين أطراف تتضمن الشروط والمبادئ التي تحكم الاتفاقيات النهائية المراد إبرامها لاحقا.

وحسب الأمم المتحدة، قتل 200 ألف بدارفور ونزح 2.7 مليون منذ اندلاع الاشتباكات بين “العدل والمساواة” ومتمردين آخرين والحكومة عام 2003، بدعوى إهمال تنمية الإقليم واضطهاد سكانه من غير العرب، وهو ما تنفيه الخرطوم.

مصادر الخبر:

-In Sudan, A Step Toward Ending Darfur Conflict

-توقيع اتفاق إطاري لسلام دارفور

-دعم لجهود الدوحة للسلام بدارفور

-Sudan parties sign Darfur ceasefire

الأمير: مليارا دولار من قطر لإنشاء بنك للتنمية في دارفور

-الأمير : مليارا دولار من قطر لإنشاء بنك للتنمية لإعمار دارفور

-الأمير يشهد اليوم توقيع الاتفاق الإطاري لسلام دارفور

-سياسي / أمير دولة قطر / مؤتمر صحفي

– 14 شريكا الحكم السوداني اتفاق على زيادة مقاعد الجنوب في البرلمان … وفصيلاً دارفورياً تتوحد في إطار”حركة التحرير للعدالة”برئاسة التجاني السيسي

-أرشيف القدس العربي

-توقيع اتفاق وقف النار بين الخرطوم و«العدل والمساواة»

-البشرى للسودانيين