في ختام مؤتمر باريس حول مستقبل ليبيا.. أمير قطر يدعو الليبيين إلى طي صفحة الانتقام والانطلاق نحو المستقبل

الذي استضافه قصر الإليزيه أمير قطر يدعو الليبيين إلى طي صفحة الانتقام والانطلاق نحو المستقبل وذلك في ختام مؤتمر باريس الذي استضافه قصر الإليزيه..
دعا أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الخميس 1 سبتمبر/أيلول 2011، الشعب الليبي إلى تجاوز منطق الثأر والانطلاق نحو إعادة بناء البلاد بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، مشددا على أهمية ضبط الجانبين الأمني والتنموي لضمان نجاح المرحلة الانتقالية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عُقد في ختام “مؤتمر المساندة لليبيا الجديدة”، الذي استضافه قصر الإليزيه بمشاركة عشرات من قادة الدول والمنظمات الدولية.
وفي كلمته، حث أمير قطر رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل على منع أعمال الانتقام بعد تسلمه السلطة، قائلا: “أتمنى أن يعالجوا مسألة الثارات، ويتجاوزوا هذه القضية، ويجدوا حلولا لمعظم مشاكلهم”، مؤكدا أن “الليبيين هم من يقررون بأنفسهم كيفية تحرير ذواتهم.”
وأشاد بالدور الذي لعبه حلف شمال الأطلسي (الناتو) في دعم الشعب الليبي، قائلا: “لولا مساعدة الناتو لما أمكن تحرير الشعب الليبي”، مشبها هذا التدخل بعملية سابقة لإنقاذ مسلمي البوسنة.
وأضاف: “ربما لم تقم الجامعة العربية بما يكفي، فقد كان بوسع الجيوش العربية وسلاحها الجوي أن يقدموا العون، بل وأن يقودوا هذه العملية من دون الحاجة إلى الناتو، لكن ذلك لم يحدث”.
وأوضح أنه “لهذا السبب جاءت الاستعانة بالناتو كواجب مشروع لدعم وحماية ومساعدة شعب أراد أن يستعيد حريته وكرامته”.
قبل أن يتساءل: “هل قامت أي مظاهرة في بلد عربي ضد تدخل الناتو؟”، مؤكدا أن “الدول التي ساعدت ليبيا لم تكن دولا غازية.”
واعتبر أمير قطر أن نجاح الثورة الليبية يُقاس بقدرة الثوار على ممارسة الديمقراطية التي طالبوا بها، قائلا: “علينا ألا نبخس الثوار وقيادتهم، لولاهم لما تم الأمر بهذه السرعة.”
أهمية الأمن والتنمية
في سياق الحديث عن تحديات ما بعد الثورة، شدد الأمير على أن المناطق المحررة تنعم بحالة من الأمن، لكنه نبه إلى أهمية إدارة المرحلة المقبلة بحنكة، قائلا: “قلت للأخ رئيس المجلس الانتقالي إن هناك شقا أمنيا، ومن قادوا العمل الميداني عليهم أن يتولوه؛ لأن ليبيا لم يكن فيها تنظيم شرطة مدنية.”
كما دعا إلى الإسراع في إطلاق الشق التنموي عبر توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم، مضيفا: “مع الشق الأمني يجب أن يتماشى الشق التنموي كالمدارس وغيرها.”
وحث الأمير السلطات الليبية الجديدة على التعجيل بتصدير النفط وعدم انتظار الإفراج عن الأموال المجمدة، متسائلا: “لماذا لا يستعجلون في تصدير النفط من الآن بدلا من انتظار الأموال المجمدة؟”

اعتراف بالمجلس الانتقالي
وخلص “مؤتمر المساندة لليبيا الجديدة” إلى الاعتراف الكامل بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره الممثل الشرعي لليبيا، مع إعلان نية الدول المشاركة الإفراج عن 15 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة لدعم المرحلة الانتقالية.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعقب القمة، إن العمليات العسكرية لحلف “الناتو” ستستمر “طالما أن القذافي ومرتزقته يشكلون خطرا” على البلاد، مشددا على أن “لا مصالحة ممكنة في ليبيا من دون عفو وتسامح”.
وأكد ساركوزي التزام المجتمع الدولي برفع التجميد عن الأموال الليبية لصالح المجلس الانتقالي، وفتح السفارات، وتحويل “مجموعة الاتصال” إلى “مجموعة أصدقاء ليبيا”، مشيدا بمساهمات الدول العربية في مساندة الثورة الليبية عسكريا وسياسيا وإنسانيا، وخص بالذكر قطر والإمارات والأردن.
مواقف داعمة
من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن “الشعب الليبي هو من حرر ليبيا”، مؤكدا أن النضال لم ينته بعد، وأن الناتو سيواصل عملياته لتطبيق قراري مجلس الأمن 1970 و1973.
كما دعا كاميرون في كلمته خلال المؤتمر الصحفي إلى التحقيق في الجرائم المرتكبة خلال النزاع وتقديم المسؤولين عنها للعدالة، مشددا على استمرار دعم المجتمع الدولي للمجلس الانتقالي.
وجاء التدخل الدولي في ليبيا استنادا إلى قراري مجلس الأمن 1970 (26 فبراير/شباط 2011) الذي فرض عقوبات على نظام القذافي وأحال الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، و1973 (17 مارس/آذار 2011) الذي أجاز فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا واستخدام “جميع الوسائل اللازمة” لحماية المدنيين.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فأوضح أن “الوضع في ليبيا واسع ومعقد”.
واعتبر خلال المؤتمر الصحفي أن أولوية المرحلة هي تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة بالتنسيق مع السلطات الليبية الجديدة، من أجل الحفاظ على الأمن وتجنب الفوضى.
الرهان على الشعب
بدوره، أكد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل أن الشعب الليبي “أثبت سعيه للحرية والديمقراطية”، مجددا التزام السلطات الجديدة ببناء دولة القانون.
وكشف أن التحقيق في اغتيال القائد العام لهيئة أركان قوات المعارضة الليبية ووزير الداخلية الأسبق في نظام القذافي اللواء عبد الفتاح يونس لا يزال جاريا، وأنه تم توقيف بعض المتهمين، مرجحا احتمال وقوف “مجموعة إرهابية منظمة” وراء الحادث.
وفي 28 يوليو/تموز 2011، تعرض يونس واثنين من مرافقيه لعملية اغتيال غامضة قرب مدينة بنغازي شرقي ليبيا.
لقاء قطري فرنسي
وعلى هامش “مؤتمر المساندة لليبيا الجديدة”، التقى أمير قطر الرئيس ساركوزي في قصر الإليزيه، بحضور رئيس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، حيث جرى استعراض علاقات التعاون الثنائي وسبل تعزيزها، إضافة إلى بحث قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.
وشهد المؤتمر، الذي دعت إليه فرنسا وبريطانيا، مشاركة 12 رئيس دولة و17 رئيس حكومة ونحو عشرين وزيرا، إلى جانب ممثلين عن ثماني منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. كما حضر القمة عدد من قادة المجلس الانتقالي، بينهم عبد الجليل ورئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل.
وإلى جانب دول “مجموعة الاتصال” التي دعمت التدخل العسكري منذ بدايته، حضرت دول عارضت التدخل سابقا مثل روسيا والصين والهند وألمانيا، في حين غابت السعودية وجنوب إفريقيا ونيجيريا عن المؤتمر.
مصادر الخبر:
–CONFERENCE IN SUPPORT OF THE NEW LIBYA
–الأمير وساركوزي يستعرضان العلاقات ويبحثان القضايا المشتركة