في خطابه أمام الدورة الـ65 للجمعية العامة للأمم المتحدة ..أمير قطر يدعو إلى حوار أمريكي إيراني مباشر لحل أزمة الملف النووي

أمير قطر يدعو إلى حوار أمريكي إيراني مباشر لحل أزمة الملف النووي وأعرب عن رفضه إسناد ما يسمى بـ”الإرهاب” إلى الدين الإسلامي
دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الخميس 22 سبتمبر/أيلول 2010، إلى حوار مباشر بين الولايات المتحدة وإيران لحل أزمة الملف النووي، وأعرب عن رفضه إسناد ما يسمى بـ”الإرهاب” إلى الدين الإسلامي باعتباره ظلما تاريخيا تدحضه شواهد عديدة.
جاء ذلك في خطابه أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عقدت في مقر المنظمة الدولية بنيويورك، الأربعاء 22 سبتمبر/أيلول 2010.
حضر الجلسة عقيلة أمير قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وعدد من أعضاء الوفد الرسمي المرافق للأمير.
الملف النووي الإيراني
في خطابه، أكد الأمير أن “أزمة الملف النووي الإيراني بحاجة إلى حل”، قائلا: “لقد أكدنا مرارا على أهمية التوصل إلى هذا الحل عبر الوسائل السلمية والدبلوماسية”.
وأضاف: “في رأينا أن حوارا مباشرا مثمرا بين الولايات المتحدة وإيران من شأنه أن يسهم في حل هذه الأزمة”.
وتشكل الأزمة النووية الإيرانية اليوم محور التوترات الدولية، حيث تكثف الولايات المتحدة والدول الغربية ضغوطها على طهران بدعوى أن برنامجها النووي يستهدف تطوير أسلحة نووية، في حين تؤكد إيران أن أنشطتها ذات طبيعة سلمية وتقتصر على إنتاج الطاقة.
وفي يونيو/حزيران 2010، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1929، الذي فرض حزمة رابعة من العقوبات على إيران، شملت حظرًا لتوريد الأسلحة الثقيلة إليها وتشديدا للإجراءات المالية والمصرفية، وهو ما قوبل برفض إيراني واسع.
كما تدفع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما باتجاه سياسة تجمع بين العقوبات والتهديد بعمل عسكري من جهة، والدعوة إلى مفاوضات جديدة من جهة أخرى.
بالمقابل، تبذل قوى إقليمية ودولية، وفي مقدمتها قطر وتركيا والبرازيل، جهود وساطة لتسوية الأزمة عبر ترتيبات لتبادل الوقود النووي، غير أن هذه المبادرات تواجه تعثرا بسبب الخلافات العميقة بين طهران والغرب.
ظلم تاريخي
وفي سياق ما يُعرف بـ”الحرب على الإرهاب”، وهو المصطلح الذي صاغته الولايات المتحدة دون تبصر في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أعرب الأمير في خطابه عن رفضه التام للربط بين الإرهاب والدين الإسلامي، واصفا ذلك بـ”الظلم التاريخي الذي لا تدعمه الحقائق”.
واستشهد بممارسات عنف غير مبرر حدثت في النصف الثاني من القرن العشرين في أماكن مختلفة من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، والتي لم تُنسب إلى أي دين أو جنسية.
وأشار إلى أن تلك “الحرب على الإرهاب (حسب ما يُطلق عليها) لم تحقق الأمن أو الاستقرار العالمي، بل أدت إلى دمار شامل، وأسهمت في تدمير حياة الملايين ونشر الخوف وزعزعة الاستقرار الاقتصادي”.
كما حذر من “خطر تحول هذه الحرب إلى صفقات تجارية، وعقود مالية، وجيوش من المرتزقة تمارس القتل خارج أية مشروعية دولية وإنسانية”.
ولفت إلى أنه لاحظ أن الإدارة الأمريكية الحالية “كفت عن استعمال وصف الحرب على الإرهاب”، لكنه اعتبر أنه لا تزال هناك حاجة إلى مبادرات منها أكثر وضوحا وجرأة.
وأكد أن معالجة ظاهرة الإرهاب لا يتأتى بشن الحرب.
وقال: “في هذا العقد الأول واجهنا تحديات كبرى، وعلينا أن نجد الأجوبة اللازمة ليس للحرب، ولكن للتصالح مع النفس ومع العصر ومع التقدم”.
ومنذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك، يسيطر مصطلح “الحرب على الإرهاب” على الخطاب السياسي والأمني الدولي، بعدما أطلقته الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس السابق جورج دبليو بوش لتبرير تدخلات عسكرية واسعة في أفغانستان ثم العراق.
هذا التوجه يثير جدلا واسعا، إذ يواجه انتقادات عربية وإسلامية ودولية بسبب ما ترتب عليه من ضحايا مدنيين وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي، إلى جانب ما خلفه من أجواء خوف وزعزعة للاستقرار الاقتصادي العالمي.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
وبخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ناشد أمير قطر في خطابه المجتمع الدولي بوقفة موحدة تطالب إسرائيل بفك حصارها “الظالم وغير الإنساني” المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فورًا وبشكل كامل.
ونبه إلى أن مسار تسوية القضية الفلسطينية يمر الآن بـ”منعطف تاريخي”، لافتا إلى أن “الجميع باتوا يدركون أن الدول العربية لن تقبل بالسلام الذي تريد إسرائيل أن تفرضه بحسب أهوائها وخارج الشرعية الدولية”.
وأكد أمير قطر بهذا الصدد أن “السلام الدائم والمقبول والمضمون هو السلام العادل الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف”.
وحول الخلل الذي يعاني منه العالم اليوم، أرجع أمير قطر سبب ذلك إلى “سوء الإدارة وانعدام العدالة والإنصاف”، لافتا في هذا المقام إلى أن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وأزمة الغذاء واستمرار الجوع والفقر وغير ذلك من التحديات، تدعو إلى إعادة بناء المؤسسات وصياغة استراتيجياتها لتحسين استجابتها للتحديات والأزمات التي تواجه المجتمع الدولي.
وقال مشددا: “لقد حان الوقت لإعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي لكي يحقق العدالة وتكافؤ الفرص للجميع”.
أهمية منطقة الخليج
وحول الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي، أوضح أمير قطر في خطابه أن هذه الأهمية تنبع من موقعها الجيو-استراتيجي، ومن حقيقة أنها تحتوي على نصف الاحتياطي العالمي من النفط والغاز، ويأتي منها ربع الإنتاج العالمي من هذين المحركين الرئيسيين للاقتصاد العالمي.
ودعا إلى إضافة هذا الاعتبار إلى الاعتبارات التي تدعو المجتمع الدولي إلى إدراك أهمية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في الشرق الأوسط من خلال نبذ استخدام القوة، وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل دون استثناء، وحل النزاعات الثنائية والصراعات الإقليمية على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ العدل والإنصاف.
ومؤكدا إيمان بلاده بأن الحوار هو أنجع السبل لحل النزاعات، أشار الأمير إلى مبادرة قطر بالسعي لحل عدة أزمات سياسية في المنطقة عبر تشجيع الحوار بين الأطراف المعنية، سواء في لبنان أو اليمن أو القرن الإفريقي أو السودان.
ولفت إلى سياسات التنمية التي تتبعها قطر، محورها الإنسان، وتعتمد نظرة شمولية في التعامل مع التنمية البشرية، مع الأخذ في الاعتبار غايات التحديث والإصلاح والتنمية بهدف بناء دولة مؤسسات دستورية عصرية قائمة على القانون، وتضمن للمواطنين حرياتهم وحقوقهم ومسؤولياتهم.
يذكر أن اجتماعات الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بدأت رسميا في 14 سبتمبر/أيلول 2010، فيما تنعقد الجلسة العامة رفيعة المستوى، التي تشهد خطابات الزعماء والقادة، خلال الفترة بين 22 و30 سبتمبر/أيلول 2010.
مصادر الخبر:
–حمد بن جاسم يعلن مساهمة قطر في صندوق لإعادة إعمار صعدة
–أمير قطر: الحرب على الإرهاب جلبت الفوضى والدمار
–رئيس الوزراء شارك باجتماع الرباعية مع لجنة المبادرة العربية في نيويورك
–رئيس الوزراء يطلق مبادرة قطر (هوب فور)
–رئيس الوزراء ونظيره الكويتي يستعرضان العلاقات والقضايا المشتركة