خلال قمة عقدها الزعيمان في البيت الأبيض .. أمير قطر يؤكد حرص بلاده على علاقات “شفافة” مع أمريكا ويرحب باستثماراتها

أمير قطر يؤكد حرص بلاده على علاقات “شفافة” مع أمريكا خلال قمة عقدها الأمير مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في البيت الأبيض
أكد أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حرص بلاده على بناء علاقات متميزة مع الولايات المتحدة تقوم على الشفافية، مرحبًا بالاستثمارات الأمريكية في قطر، وداعيًا واشنطن إلى تبني رؤية واضحة تعيد الأمن والاستقرار إلى العراق وتضمن وحدة أراضيه.
جاء ذلك خلال قمة عقدها الأمير مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في البيت الأبيض، يوم الخميس 8 مايو/أيار 2003، ضمن زيارة رسمية يقوم بها إلى الولايات المتحدة.
وأشاد الرئيس بوش خلال اللقاء بقيادة أمير قطر، واصفًا إياه بأنه “زعيم إصلاحي يقدم مثالًا لما يمكن تحقيقه في منطقة الشرق الأوسط”.
ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء القطرية (قنا)، بحث الزعيمان سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، إلى جانب مناقشة تطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة، لا سيما في العراق والأراضي الفلسطينية.

إشادة بالعلاقات
وفي مؤتمر صحفي بعد اللقاء، أشاد أمير قطر بـ”العلاقة الفريدة والمتينة والخاصة” التي تربط بين الدوحة وواشنطن، معتبرا أن “العلاقات العسكرية ممتازة” بين البلدين.
وقال: “نحن حريصون على علاقة مميزة مع الولايات المتحدة، تقوم على أساس الشفافية”.
وأضاف: “علاقتنا العسكرية جيدة، ونحن ملتزمون مع الولايات المتحدة في كل الأمور التي اتفقنا عليها”.
كما أعرب عن شكره للولايات المتحدة؛ “لأنها ساعدت قطر في مجال التعليم، وكذلك في المجالات الاقتصادية.
وتابع: “نحن في قطر نرحب بالشركات الأمريكية التي تأتي وتستثمر ببلادنا”.
أوضاع العراق
وبشأن تطورات العراق، أكد أمير قطر أهمية التوصل إلى رؤية واضحة ومحددة تؤدي إلى عودة الأمن والاستقرار إلى العراق.
وقال إن ذلك لن يتحقق إلا “في ظل نظام ديمقراطي يحافظ على وحدة التراب العراقي، ويكفل حقوق المجتمع العراقي بمختلف فئاته وطوائفه، ويتفاعل مع جيرانه دون أن يكون مصدر تهديد لهم في المستقبل”.
وأشار إلى أن هناك جهودا جادة لتأسيس حكومة انتقالية في العراق في أقرب وقت ممكن، مهمتها تلبية المتطلبات الأساسية للشعب العراقي وتثبيت الأمن والاستقرار.
وأوضح في هذا الصدد أن بناء الديمقراطية في العراق ليس بالصعوبة التي تبدو عليها؛ لأن للعراق تجربة ديمقراطية امتدت من بداية عام 1921 وحتى عام 1958 مع انتهاء النظام الملكي فيه.
وأعرب أمير قطر عن تقديره بأن نموذج عراق المستقبل سيكون اختبارا لمصداقية السياسة الأمريكية في المنطقة، والتي وعدت بجلب الديمقراطية والمشاركة الشعبية فيها؛ مما يستدعي العمل لإنجاح هذه التجربة.
وبدعوى سعي نظام صدام حسين لامتلاك أسلحة دمار شامل، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا حربا على العراق في 19 مارس/آذار 2003.
وبينما يظل مكان تواجد صدام مجهولا، تجري الولايات المتحدة تحضيرات لتشكيل حكومة هناك من شخصيات عراقية معارضة كانت تقيم في المنفى.
السلام والإرهاب
من جانبه، قال بوش خلال المؤتمر الصحفي ذاته، إنه بحث الوضع في الشرق الأوسط مع أمير قطر الذي “ينشط كثيرا” في هذه العملية.
وأوضح أنه استعرض مع الأمير الجهود المبذولة من جانب الولايات المتحدة والدول العربية “لتشجيع العالم العربي على الاضطلاع بمسؤوليته في وقف تمويل الإرهاب، والعمل مع السلطة الفلسطينية بهدف تشجيع إرساء الحرية والديمقراطية”.
وأعرب بوش عن “تفاؤله الشديد” بشأن إمكانية تحقيق تقدم نحو السلام في النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين أثناء الزيارة المقبلة لوزير الخارجية الأمريكي كولن باول إلى المنطقة.
ويجري باول جولة ابتداء من 10 مايو/أيار 2003 يزور خلالها إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس.
ويعقد الوزير الأمريكي خلال الجولة مباحثات بهدف الشروع في تطبيق “خارطة الطريق”، وهي خطة سلام دولية على مراحل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وصولا إلى قيام دولة فلسطينية بحلول العام 2005.
في هذا الصدد، أكد أمير قطر أن تشكيل حكومة فلسطينية برئاسة محمود عباس، في 30 مارس/آذار 2003، “يعتبر خطوة أساسية في بداية تطبيق خارطة الطريق” من الجانب الفلسطيني.
زعيم إصلاحي
في سياق آخر، أشاد بوش بأمير قطر، وقال: “الأمير يعطي مثالا لما يمكن تحقيقه في هذا الجزء من العالم. إنه زعيم إصلاحي، وقد أعلن دستورا جديدا منح النساء حق التصويت، وعين نساء في حكومته”.
وأضاف: “هو زعيم قوي يؤمن بالتعليم، ويدرك أن شعبا متعلما يكون أكثر قدرة على تحقيق أحلامه”.
وفي 29 أبريل/نيسان 2003، صوت 96.6% من القطريين لصالح أول دستور دائم للدولة منذ الاستقلال عام 1971، في خطوة هامة من شأنها أن تضع قطر على طريق الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة التي تعهد أمير البلاد بإرساء دعائمها.
وأكد الدستور الجديد على حق المرأة القطرية في الترشح والانتخاب، وأقام حياة برلمانية عبر إنشاء مجلس شورى من 45 عضوا ينتخب ثلثاه بالاقتراع المباشر.
كما أصدر أمير قطر، في 6 مايو/أيار 2003، قرارا بتعيين شيخة المحمود وزيرة للتربية والتعليم؛ لتكون بذلك أول امرأة تتولى منصبا وزاريا في قطر.
جمعية قطر بالكونغرس
وإضافة إلى المباحثات مع بوش، عقد أمير قطر عصر اليوم ذاته (الخميس)، لقاءات مع أعضاء ورؤساء اللجان في الكونغرس الأمريكي.
ومن هناك، أعلن الأمير عن تدشين “جمعية قطر بالكونغرس الأمريكي”، معتبرا أن “إنشاء هذه الجمعية يأتي تجسيدا للعلاقات المتميزة بين قطر والولايات المتحدة”.
وقال الأمير في كلمة أمام عدد من أعضاء الكونغرس: “نقدر صداقتكم وتعاونكم الإستراتيجي معنا في شتى المجالات، ونتطلع إلى تعزيز شراكتنا في مجالس التجارة والاستثمار، وفي كل ما يعود بالخير على الشعبين الصديقين”.
وتهدف الجمعية الجديدة إلى تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة والارتقاء بها إلى آفاق أرحب وصولا إلى مرحلة الشراكة في المصالح والتوجهات.
دعوة للاستثمار
وفي المساء، أقام “مجلس رجال الأعمال القطري الأمريكي” حفل عشاء بواشنطن على شرف الأمير، حضرته شخصيات سياسية بارزة وأعضاء في الكونغرس ورجال أعمال وإعلاميون.
وفي كلمة ألقاها أمام الحفل، أكد أمير قطر حرص بلاده على توفير كل الأسباب التي من شأنها تعزيز مناخات الديمقراطية والانفتاح الاقتصادي في أجواء مواتية تهيئ الفرص الجيدة لكل أنواع الاستثمار.
ودعا الشركات والمستثمرين بالولايات المتحدة إلى العمل والاستثمار في المجالات التجارية والمشروعات الاقتصادية المختلفة بدولة قطر.

لقاء رامسفيلد
وبدأ أمير قطر زيارته، التي تعد الثالثة من نوعها إلى الولايات المتحدة، عصر الثلاثاء 6 مايو/أيار 2003؛ لتكون المحطة الأولى ضمن جولة خارجية تشمل أيضا فرنسا وبريطانيا.
وفي مستهل فعاليات الزيارة، الأربعاء 7 مايو/أيار 2003، استقبل أمير قطر في مقر إقامته بواشنطن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، وعقد معه مباحثات تناولت سبل تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين.
وفي اليوم ذاته، ألقى أمير قطر كلمة أمام “معهد بروكينغز” في واشنطن.
كما عقد لقاء مع رئيس مجلس النواب الأمريكي دينيس هاسترت في مبنى الكابيتول بواشنطن.

حوار استراتيجي
وفي اليوم الأخير من الزيارة الجمعة 9 مايو/أيار 2003، عقد أمير قطر مباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي كولن باول.
وعقب الاجتماع، قال باول في تصريحات للصحفيين: “آمل أن تتاح لي الفرصة لزيارة قطر قبل نهاية العام لإجراء حوار استراتيجي”.
وهنأ الوزير الأمريكي أمير قطر على الاستفتاء الدستوري الذي جرى مؤخرا في بلاده.
من جهته، وصف أمير قطر محادثاته في واشنطن بأنها “جيدة”.
ورافق الأمير في زيارته الثالثة للولايات المتحدة وفد كبير يضم بين أعضائه ولي العهد جاسم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
يذكر أن أمير قطر زار واشنطن بين يومي 10 و13 يونيو/حزيران 1997، في أول زيارة يجريها أمير قطري إلى الولايات المتحدة منذ استقلال البلاد، قبل أن يجري زيارة ثانية بين يومي 2 و5 أكتوبر/تشرين الأول 2001.
مصادر الخبر:
–لدى استقباله أمير قطر:بوش متفائل بفرص التقدم نحو السلام بالشرق الأوسط
–أمير قطر يبحث في واشنطن العلاقات العسكرية الثنائية