في أول زيارة لزعيم عربي إلى موقع برجي مركز التجارة العالمي بعد هجمات 11 سبتمبر .. أمير قطر يدين الإرهاب ويؤكد أنه جريمة كبرى لا يقرها دين

أمير قطر يدين الإرهاب في أول زيارة لزعيم عربي إلى موقع برجي مركز التجارة العالمي بعد هجمات 11 سبتمبر
أجرى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2001، زيارة إلى موقع برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، اللذين كانا من أبرز أهداف هجمات 11 سبتمبر/أيلول الماضي، ليصبح أول زعيم عربي يتفقد مكان المأساة.
وخلال الزيارة، شدد الأمير على إدانة قطر الكاملة للإرهاب، واصفا تلك الهجمات بأنها “جريمة كبرى لا يقرها دين ولا عقيدة، وليس لها أي عذر أو مبرر”.
وانطلقت جولة الأمير ووفده على متن قارب لشرطة نيويورك من “المرفأ 92″ وصولا إلى موقع برجي مركز التجارة العالمي، الذي بات يُعرف بـ”نقطة الصفر”.
ضم وفد الأمير نجله الشيخ خليفة البالغ من العمر 9 سنوات، ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ومدير الديوان الأميري عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، ووكيل مدير التشريفات عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، ومندوب قطر الدائم لدى الأمم المتحدة ناصر عبد العزيز النصر.
وبتأثر بالغ، عاين الأمير ووفده حجم الدمار الذي خلفه انهيار البرجين فوق آلاف الأبرياء، في وقت لا تزال فيه فرق الإنقاذ تواصل جهودها بين جبال الحطام بحثا عن أشلاء قد تقود للتعرف على هوية ضحايا جدد عبر تحليل الحمض النووي.
ورافق الأمير خلال جولته جان أوديرمت، المسؤول عن عمليات الإنقاذ في المكان، حيث أبلغه أن عمدة نيويورك رودي جولياني يواجه “معضلة أخلاقية” تتعلق بالاختيار بين الاستمرار في البحث المضني عن الأشلاء، أو رفع الأنقاض دون تحديد هوية جميع الضحايا.
مأساة للإنسانية
وخلال حديثه للصحفيين في موقع الحادث، أكد الأمير أن زيارته تعبر عن تضامن الشعب القطري مع الشعب الأمريكي، ولا سيما سكان نيويورك، في “مأساة لا تخص الولايات المتحدة وحدها، بل الإنسانية جمعاء”.
وقال: “نحن في قطر بطبيعتنا ضد أي عمل إرهابي يقع في أي دولة”، مشددا على أن إيمان قطر بالديمقراطية وحرية الصحافة ساعد كثيرًا في مواجهة الإرهاب.
وشدد على ضرورة عدم ربط العرب والمسلمين بهجمات 11 سبتمبر، مضيفا: “لا شك أن ما حصل ألحق ضررا بسمعة العرب، لكن على الشعب الأمريكي أن يفهم أن الإرهاب ليس مقصورا على العرب وحدهم”.
لقاء عمدة نيويورك

وعقب جولته الميدانية، التقى أمير قطر بعمدة نيويورك رودولف جولياني، حيث أطلعه الأخير على نشاطات مركز العمليات الطارئة.
وخلال اللقاء، قدم الأمير تبرعا بقيمة مليوني دولار لدعم ضحايا هجمات 11 سبتمبر في نيويورك.
وكانت مبانٍ بارزة في نيويورك وواشنطن، بينها برجا مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون)، تعرضت في 11 سبتمبر/أيلول 2001 لهجمات بطائرات مدنية مختطفة، ما أدى إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص. واتهمت واشنطن تنظيم “القاعدة” بقيادة أسامة بن لادن بالمسؤولية عنها.
بعدها، وفي خطاب ألقاه أمام الكونغرس في 20 سبتمبر/أيلول 2001، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عزم بلاده شن “حرب عالمية واسعة على الإرهاب”، تبدأ بتنظيم “القاعدة” المتمركز في أفغانستان، “لكنها لن تتوقف هناك، ولن تنتهي حتى يتم إيجاد كل الجماعات الإرهابية ذات الوصول العالمي وهزيمتها”.
تكاتف عالمي
وفي تصريحات لاحقة للصحفيين الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2001، وصف أمير قطر هجمات 11 سبتمبر بأنها “جريمة كبرى لا يقرها دين ولا عقيدة، ولا يمكن تبريرها أو التذرع لها بأي عذر”.
وأكد الأمير أن القضاء على الإرهاب ومعالجة أسبابه هو السبيل لجعل العالم “مكانا أفضل لجميع الشعوب”، مشددا على أن مواجهة الإرهاب تتطلب تكاتفا عالميا، إلى جانب تعزيز حرية التعبير والإعلام لضمان مشاركة أوسع في صناعة القرار.
وأضاف: “المشكلة ليست في الحدث نفسه بل في تبعاته. بعد واقعة كهذه علينا جميعا أن نفكر في الأسباب، وعلى الإدارة الأمريكية أن تفكر بدورها في نشر الديمقراطية في العالم العربي”.
وتطرق الأمير إلى القضية الفلسطينية، معتبرا أن “عدم حلها أحد أبرز العوامل التي قد تؤثر في ظهور عمليات إرهابية مستقبلية”، لكنه شدد على ضرورة عدم ربطها مباشرة بالإرهاب.
وقال موضحا: “القضية الفلسطينية تخص نفسها، أما الإرهاب فهو ظاهرة عالمية. ما حدث في أوكلاهوما أو في مترو اليابان (من هجمات إرهابية) لا علاقة له بالعرب أو المسلمين”.
وأشار إلى أن مواجهة الإرهاب لا يجب أن تتم عبر “البوليس السري”، وإنما عبر بناء “دول مؤسسات” في العالم العربي.
وأضاف أن المسؤولية تتطلب “جهدا مشتركا من كل الحضارات، وحوارا ينطلق من الناس لا من الأنظمة وحدها ومفكريها”.
ولفت إلى أنه حتى ذلك الوقت لم تُعرض أي أدلة رسمية بشأن منفذي الهجمات، قائلا: “نسمع أن أسامة بن لادن وراءها، لكن لم يطلب منا أحد التعاون عسكريا أو أمنيا حتى الآن”.
مباحثات موسعة
زيارة الأمير لموقع برجي مركز التجارة العالمي جاءت في إطار جولة عمل إلى الولايات المتحدة بدأت مطلع أكتوبر/تشرين الأول وتستمر حتى الخامس من الشهر نفسه، وهو بذلك ثاني زعيم عربي يزور واشنطن بعد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأول زعيم خليجي يقدم على هذه الخطوة.
وتتضمن الزيارة مباحثات موسعة مع المسؤولين الأمريكيين حول تداعيات الهجمات، في وقت تستعد الدوحة ـ بصفتها رئيسة منظمة المؤتمر الإسلامي ـ لاستضافة اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 2001 لبحث الأزمة.
وكان الأمير اجتمع أيضا بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في نيويورك اليوم الثلاثاء، حيث بحثا سبل تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب ودور المنظمة الأممية في هذا الشأن.
ومن المقرر أن يلتقي الأمير الرئيس الأمريكي جورج بوش في البيت الأبيض الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول 2001، حيث سيكون موضوع مكافحة “الإرهاب” على رأس جدول أعمال القمة.
مصادر الخبر:
–زيارة أمير دولة قطر لموقع هجوم 11 سبتمبر
–أمير قطر: العالم سيكون أفضل بالقضاء على الإرهاب
–أمير قطر أمام أنقاض مركز التجارة : نشر العرب الديموقراطية بداية لمكافحتهم الإرهاب